خلفية هجوم بوتفليقة الاخير "صرخة ألم"

      Comments 0  
أيوب مشموم
من يعي خصوصية النظام الجزائري، يعي تماماً أن أي تحرك له خارج الحدود يكون محكوم بارهاصات عديدة تبدأ و تنتهي عند جاره المغرب، وأن أي تحرك صغر شأنه أو كبر يتماهى و ما هندسه العسكر مند منتصف القرن الماضي.
و من يرى صورة ما يقع الآن و يجردها من أحداث سابقة أو قادمة، قد تعتري هده الصورة الكثير من المغالطات و التفسيرات التي ستكون خارج إطارها الصحيح، فالخطاب الذي بعث به بوتفليقة الى ابوجا و ضمنه بعض من المقطوعات النشاز على أي حال، تعتبر إمتداد لسياسة قديمة حديثة غير أن زمنها و توقيتها و الأهم منهما حبكتها الصريحة و المباشرة، تؤشر على أنها معطى جديد و فصل جديد لسياسة قديمة. فما الذي زلزل ساكن قصر مرادية و حكامه العساكر للخروج من الكواليس صناعة قرار البوليساريو للعلن؟
للجواب على هذا السؤال المهم جدا و الذي سيمنحنا هامش التحرك للرد عليها بالقدر و الحجم الذي يستوجبه، سنمح التاريخ القريب فرصة للحديث
الربيع العربي وخسارة ليبيا
أشر الربيع العربي على بدأ معانات النظام الجزائري، الذي يتميز بالمحافظة و الجمود، و الارتهان الى شرعية الماضي و الرصيد الثوري التحرري، هذا الرصيد الذي لم ينفع لا مبارك مصر و لا بن علي تونس و لا عفيد ليبيا، و مما زاد من حنق النظام الجزائري تعويله على حركة 20 فبراير المدعومة من أحزاب الطليعة و اليسار الموحد و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذين لا يخفون مواقفهم إتجاه الصحراء ضدا على إرادة الشعب المغربي، وكان خسارة العقيد معمر القدافي و دخول المغرب الى ليبيا سياسيا و ديبلوماسيا الضربة التي لم يستسغها النظام الجزائري الى يومنا هذا، و مما أذكى نار الجنون في الجزائر الدعم الدي يبديه حكام تونس و ليبيا للمغرب و لصحرائه.
إكتمال الهلال المغربي حول الجزائر
ما حصل في مالي كان موجعا جدا للعساكر في الجزائر فمالي كانت الحديقة الخلفية و ملعبها الاستثنائي و إمتدادها الجغرافي في أفريقيا، فالمخابرات الجزائرية كانت تفصل و تصنع الجماعات الإرهابية المسلحة، لترهب دول الساحل و الصحراء، لتبقى تابعة و خاضعة لسياساتها التوسعية للهيمنة على المنطقة، فلا غرابة إدا في رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في مالي، ومع الدعم الصريح للمغرب لهدا التدخل، و حضور ملك المغرب الملفت لحفل تنصيب الرئيس المالي، تمكن المغرب من تشكيل هلال يحيط بالجزائر إنطلاقا منه الى مالي فليبيا ثم تونس، الأمر الذي لم يعجب الجزائر و لن تسكت عليه، وهو الذي يفسر ما يقع اﻵن على الحدود التونسية و الليبيا مع الجزائر من تحرك مكثف للجماعات الإرهابية، والتي ستخول للعسكر الجزائري التنسيق مع كل من ليبيا و تونس قصد وضع أليات لاختراق هدا التمدد المغربي.
أفريقيا جنة الجزائر بيد المغرب
لا يخفى على القاصي قبل الداني، أن الدعوات التي بدأت تظهر في الإتحاد الأفريقي عن ضرورة عودة المغرب الى حضنه الإفريقي، خصوصا الدعوات التي وجهها كل من الرئيس التونسي و الرئيس السينغالي، هذه الدعوات لا تسعد الجزائر التي ترى في أفريقيا السند لحلم تقسيم المغرب، كما أن تتويج المغرب كثاني مستثمر في إفريقيا، و حصوله على عضوية مجلس الامن كممثل عن إفريقيا في الجولة الأولى من الانتخابات لنيل هدا المقعد، و الزيارات المكوكية للملك لدول أفريقيا، أو زيارات رؤساء دول كثر للمغرب، كلها أشياء تؤشر على نمو نفوذ المغرب داخل القارة، و تزايد تأتيراته على قادتها.
المغرب يركع أمريكا والبرلمان الاوروبي
مع الدعم الغير محدود الذي يحصل عليه المغرب من حلفائه الأساسيين مثل فرنسا و السعودية و الإمارات و الكويت، و إخضاع المغرب لإسبانيا كدالك لمنطق المصالح المشتركة، تمكن المغرب من تسطير وجهة نظره في عدة محافل دولية، وحماية سيادته المشروعة على صحرائه، رغم تحريك الجزائر لعدة منظمات حقوقية للضغط على حكوماتها من أجل معاكسة المغرب، لم تستطع تغيير من واقع الهزاءم التي أصبحت تمنى بها سياسيا و ديبلوماسيا، إن في أوروبا أو أمريكا، أو على مستوى الأمم المتحدة.
كل هاته الاشياء و أشياء أخرى مثل سحب الاعترافات بالدولة الوهمية، وصعود دور المغرب إقليميًا و عالميا، و نجاحات سياسته الاقتصادية والاجتماعية، جعلت الجزائر تخرج من كواليس اللعبة التي تنهجها مع المغرب، و التي أنابت بها البوليساريو سابقا، و هو ما أعتبره شخصياً صرخة ألم جراء الضربات المتوالية عليها من طرف المغرب.
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى المستقبل الصحراوي .