لتسليط الضوء على العلاقات المغربية الجزائرية و الأوضاع بالصحراء المغربية أعددنا الحوار التالي مع الدكتور الفاتحي عبد الفتاح باحث متخصص في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية الذي أجابنا مشكورا على عدد من الأسئلة تهم الوضع بالجزائر و الديبلوماسية الموازية وغيرها من القصايا و لمزيد من التفاصيل إليكم الحوار
السؤال الاول: لماذا تصر الجزائر على استمرار إغلاق الحدود مع المغرب؟.
واقعيا فالجزائر
ترى في مسألة إغلاق الحدود لي لدراع المغرب وأحد عناصر ممارسة الضغط عليه
من الناحية الإقتصادية والسياسية. حتى أن مسألة التطبيع السياسي غذت مدخلا
نحو فتح الحدود البرية بين البلدين.
وحيث إن التزامات
الجزائر حيال مسألة التطبيع تفرض عليها تخفيض الدعم الدبلوماسي والسياسي
المباشر لجبهة البوليساريو والاصطفاف في صف القانون الدولي والأمم المتحدة
التي تنظر في ملف نزاع الصراع بعيدا عن لعبة النزاع الإقليمي عبر ورقة
الصحراء، فإنها تقابل حجم الضغوطات الدولية باستدعاء الكثير من المبررات
غير الواقعية، ومنها التزام المغرب بمغادرة الصحراء، وهو تصرف في كثير من
التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب من لال قضية عهد حلها إلى الأمم المتحدة.
ولإن كل المؤشرات
الإقتصادية والسياسة ستكون لصالح المغرب في حالة فتح الحدود بين البلدين،
فإن الجزائر تصر على استمرار إغلاق الحدود، مادام فتحها سيشكل دعما قويا
للمغرب يزيد من تمدده الجيوسياسي على المنطقة المغاربية عبر اصلاحاته
الإقتصادية والسياسية وتطوير كفاءاته البشرية التي يمتلكها المغرب، ولذلك
فإنه بغض النظر عن العائد الإقتصادي في المبادلات التجارية فإن المغرب
بقواها العاملة تؤهله لأن ترجح ميزان معاملاته التجارية لصالحه.
وحيث إن المنطق
يتماشى مع هذا التصور، فإن الجزائر تستمر في سياسة رفض فتح الحدود، متحاشية
النقد الدولي بها باقتراح جملة من الشروط التعجيزية عرضتها مؤخرا على
المغرب، وهي اليوم تحاول ممارسة الضغط عليه عبر المسارعة إلى عسكرة حدودها
البرية معه لقطع أي أمل لفتح الحدود، بداعي محاربة تهريب المواد الطاقية
نحو، وترى في ذلك توفير عائدات هامة من المواد البترولية المكررة.
السؤال الثاني: شهد العالم العربي حراكا شبابيا لم يشمل الجارة الجزائر لماذا في نظركم؟.
لا أعتقد أن السعي
الشعبي الشبابي للانعتاق من هيمنة العسكر الجزائري ستتراجع في ظل حجم
التحديات التكنولوجية والسياسية والتنموية المتداولة، ولا أعتقد أن محاولة
تكريس الوضع السياسي بالجزائر من لدن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وجنرالاته
ستنجح إلى الأبد في لجم مطالب الإصلاحات السياسية والدستورية بالجزائر.
ومنه، فإن بوادر
التمرد الجزائري تبقى واردة في كل وقت وحين، من خلال تزايد حدة المطالب
الإجتماعية المتعلقة بالسكن والبطالة فضلا عن غلاء الأسعار في دولة
بترولية، إضافة إلى تراكم الإختلالات السياسية وتواصل بنيتها التقليدية
فيما بعد مرحلة عبد العزيز بوتفليقة الرجل المريض.
والمؤكد عمليا في
الداخل الجزائري، فإن ما يؤخر تحرك الشارع الجزائري هو القبضة الحديدة التي
لا يزال يمتلكها العسكر الجزائري بدعوى محاربة الإرهاب، وتاريخه الدموي في
قتل المناضلين والزج بهم في السجون إلى حدود اليوم بدعوى إنتمائهم إلى
جماعات إسلامية جهادية.
ولا يتوقع أن لا
تحافظ الجزائر على رتابة نسقها السياسي على الرغم من فرض العسكر النظام
بقوة النار والحديد، حيث ارتكب الجيش الجزائري الكثير من الفضائع في حق
الإنسانية، ملفقا التهم للجماعات المسلحة وبعد فشل مشروع عبد العزيز
بوتفليقة في تحقيق المصالحة الوطنية من خلال برنامج الوئام الوطني.
وعليه، فإن استمرار
الهدوء في الجزائر لما بعد الربيع العربي في هذا البلد المغاربي يعد من
حتميات التغيير التي لا تزال تواصل هبوبها على العالم العربي، وهي كافية
بأن تهب عاصفية على الأوضاع في الجزائر ما لم يستوعب نظام العسكر الجزائري
تطلعات الشعب الجزائري.
السؤال الثالث: أين تتجلى مسؤولية الجزائر في استمرار مشكل الصحراء وما هدفها من استمرار هذا المشكل؟.
تسود اليوم قناعة
مؤكد مغاربيا ودوليا بالدور المحوري للجزائر في نزاع الصحراء، وأن الجزائر
توظف قضية الصحراء كورقة في الصراع الإقليمي مع المغرب، وهي في ذلك توظف
جبهة البوليساريو كأرنب سباق في هذا الصراع.
واستمرار الجزائر
في تقويض جهود حل مشكلة الصحراء نابعة من كونها ترى فيه آلية فعالة لتعطيل
مسار التنمية البشرية في المغرب، وبالتالي استبعاده من زعامة المنطقة
المغاربية، أو تحوله إلى محاور أساسي لدى الإتحاد الأوربي عن المنطقة
المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء.
السؤال الرابع: ما هي الخطوات الممكن اتخاذها لإحياء اتحاد المغرب العربي؟.
إن إحياء الاتحاد
المغاربي مسؤولية كل الدول الأعضاء، إلا أن واقع الحال يؤكد بأن الجزائر
تعطل هذا المشروع الذي بات يشكل مطلبا جماهيريا، بل ومطلبا دوليا، حيث دعا
عدد من القوى الدولية والمؤسسات المانحة إلى التسريع بتطبيعات العلاقات بين
المغرب والجزائر للتسريع بإعادة تنشيط هياكل الاتحاد المغاربي.
ومعلوم أن أن
الجزائر المهوسة برغبة جامحة في قيادة المنطقة تعمل على عرقلة الإتحاد
المغاربي، ولذلك فهي تصر على تعطيل انعقاد القمة المغاربية بعد سنوات من
توقفها. وكان الرئيس التونسي منصف المرزوقي قد قام بجهود حثيثة من خلال
جولته المكوكية إلى كل رؤساء لدول المغاربية إلا جهوده تلك تكسرت على أعتاب
قصر المرادية، فتوقف الحديث عن عقد قمة مغاربية مستقبلا.
ومهما يكن، فإنه من
الصعوبة بمكان الإفتاء بشأن كيفية احياء الإتحاد المغاربي لاعتبارات ترتبط
بمدى إجماع الدول الأعضاء في الإتحاد إلى تفعيله بدافع الحاجة السياسية
والإقتصادية إليه.
السؤال الحامس: كيف ترى حال الديبلوماسية الموازية المغربية في الدفاع عن القضايا الوطنية؟.
إن الدبلوماسية
الموازية في المغرب تكاد تكون مشلولة تماما، لأنها تفتقد إلى التوجيه
والتأهيل، أو بالأحرى لأن الدولة لا ترى لها فائدة كبيرة في الدفاع عن
القضايا الوطنية، فضلا عن أن عددا من المبادرات المدنية قد أساءت المسؤولية
في الدفاع عن قضايا الوطن القومية.
ومهما تكن، فإن
الدبلوماسية الموازية تعد اليوم أحد الخيارات الأساسية التي يجب الاهتمام
بها من خلال تنسيق ودعم من الدبلوماسية الرسمية في عدد من الفضاءات الشعبية
والجماهيرية الأكثر تأثيرا في الرأي العام الدولي.
السؤال السادس: كيف ترى مواقف الجارة اسبانيا وأمريكا حيال قضية الصحراء الأن؟.
في الحقيقة يبدو أن
المغرب اليوم في حاجة إلى ضبط واقع علاقاته الدبلوماسية مع عدد من الدول
التي كانت تسمى إلى أمد قريب بالدول الصديقة ومنها اسبانيا التي تستفيد من
دعم مادي وسياسي قوي كلما ألمت بها الظروف الاقتصادية والطبيعة، وفضلا على
ذلك فإن علاقاتنا بالولايات المتحدة الأمريكية تستدعي اليوم تقييما خاصة
على كل المستويات في سياق بروز عدد من المؤشرات التي تفيد بأن جهاز الأمن
القومي الأمريكي والخارجية ستكون له مواقف غير متناسقة مع واقع جودة
العلاقات التاريخية والإقتصادية والعسكرية بين البلدي، حيث أن التقدم
بمقترح توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء ومن دون التشاور مع الجانب
المغرب الذي تربطه بها حوار استراتيجي لم يمر على توقيعه بضعة أشهر الكثير
من علامات الاستفهام.
وأعتقد أن الزيارة
الملكية المرتقبة إلى الولايات المتحدة في الشهر القادم ستكون من بين
أولويات إعادة ترتيب طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على ضوء ما
تقتضيه التطورات الدولية المتسارعة.
إن دواعي إعادة
تقييم العلاقات الدول المؤثرة في ملف الصحراء جد ملحة في الوقت الراهن، وهو
ما يجب إعادة ضبطه مع الجار الإسباني الذي يقدم الكثير من المساعدات
المالية والعسكرية والسياسية إلى قيادات جبهة البوليساريو جزء أساسي منها
يصبح فيما بعد وقودا لقوة الجماعات الإسلامية بمنطقة الساحل والصحراء.
والحالة هذه فإن
للمغرب الكثير من أوراق الضغط على الجانب الإسباني لم يتم تفعليها، وهو مما
يجلعنا في حالة من الاستغراب أن نوقع بيان مشتركا في اختتام زيارة ملك
إسبانيا للمغرب يتضمن عبارة “الصحراء الغربية” ويخلو من أي إشارة إلى جدية
مقترح الحكم الذاتي، مكتفيا بالتأكيد على أن اسبانيا تدعم المساعي المبذولة
في اطار الامم المتحدة لتحقيق حل سياسي عادل ودائم ومتفق عليه لقضية
الصحراء الغربية.
وإذا كان المغرب
يبدي الكثير من التسهيلات لخلق متنفس استثماري للمقاولات الإسبانية التي
ارتفع استيطان أعدادها للمغرب، ويأبى إلا أن يقدم للاقتصاد الإسباني عند كل
أزمة قُبْلَة حياة، لكنه بالمقابل لا يلقى جَزَاءا من الجانب الإسباني.
وبالتالي، فإن صيغة
البيان كانت مجحفة في حق المغرب، لأنه فضلا على ما سبق لم يشر إلى مستقبل
الحوار السياسي بشأن الخلافات الترابية بين المغرب وإسبانيا ومنها مصير
المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية وباقي الجزر. وهكذا فإن نتائج زيارة
العاهل الإسباني للمغرب لم ترق إلى مستوى ما يوليه المغرب من دعم ومساندة
لإسبانيا. وهو ما يكشف عن الحاجة إلى حوار واقعي أكثر لرهن أي تعاون
مستقبلي بناء على الندية في تدبير العلاقات الإقتصادية السياسية.
الحوار من إعداد : ماموني علوي يوسف و شكرا خاص للأخ عزيز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق