الفاتحي: طرد النواب لا يغير من سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المغرب

      Comments 0  


الدكتور عبد الفتاح الفاتحي

الوطن24: رشيد لمسلم
أثار موضوع طرد السلطات المغربية مؤخرا أربعة برلمانيين أوربيين، لهم مواقف سياسية ويعملون على دعم الأطروحة الانفصالية لجبهة البوليساريو، فضلا عن معارضتهم للوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأوربي ومعروفين بمهاجمة المصالح المغربية داخل البرلمان الأوربي لصالحة البوليساريو.
وكان المغرب قد وصف قرار منع النواب الذين وصلوا إلى مطار محمد الخامس، في طريقهم إلى العيون، من مغادرة المطار بعد إخبارهم بأنهم غير مرغوب فيهم داخل المغرب، بالقرار السيادي.
ويرى عدد من المراقبين أن النواب المنتمين إلى «كتلة الديمقراطيين والليبراليين» في البرلمان الأوربي، قد رتبوا زيارتهم إلى العيون بتنسيق سياسي مع لوبي جزائري ينشط داخل المؤسسة الأوربية لصالح جبهة البوليساريو، حيث سبق لهم ان عقدوا سلسلة اجتماعات مع ممثلين لجبهة بوليساريو ودبلوماسيين جزائريين تكلفوا بتحضير زيارتهم تحت غطاء جمع معلومات حقوقية.
ولمزيد من التحليل نستضيف عبد الفتاح الفاتحي الخبير المغربي في قضايا الصحراء والشأن المغربي في هذا الحوار.
ما تعليقكم على منع السلطات المغربية لنواب أوربيين بدعوى تعاطفهم مع البوليساريو؟ الا ترى انه قد يشوش على صورة البلد في اوربا؟
وحيث إن المسعى سياسي، فإن في ذلك إعلان مسبق عن لا حيادية البرلمانيين الأوربيين المطرودين من مطار الدارالبيضاء، وفق قرار سيادي مغربي مشروع يؤمن به الأمن القومي لوحدته الترابية وسيادته على الأقاليم الجنوبية من أي تداخلات سياسية تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان مما يسيء إلى وحدته الوطنية.
وطبيعي أن يزداد تحرش بعض النواب البرلمانيين الأوربيين المنتمين إلى بعض الأحزاب اليمينية واليسارية النووية إلى حملة مقصودة للتشويش على الصورة الحقوقية للمغرب، وذلك بالتزامن مع تواصل انعقاد مجلس الأمن لحقوق الانسان بجنيف. إذ تعمل البوليساريو عبر بعض الأصوات المؤيدة لموقفها تسجيل بعض النقط الحقوقية على الموقف التفاوضي للمغرب، بعد أن تم استبعاد المينورسو من أي تغيير في مهامها، وكذا بعد الفصل نهائيا بين الشق السياسي والحقوقي في مسألة النزاع حول الصحراء.
ومعلوم أن جبهة البوليساريو والدبلوماسية الجزائرية لم تستوعب خسارتهما في المناورة بورقة حقوق الإنسان فعلى الرغم من التحرك القوي لدبلوماسية الجزائر والبوليساريو في الأمم المتحدة لتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء، إلا أن "لجنة ال34" المتحدة استبعدت البعثة من أي تغييرات في المهام التي أسندت لها منذ تأسيسها بقرار أممي لمجلس الأمن الدولي رقم 690 في أبريل 1991.
وحيث أنه تم استبعاد المينورسو من تغيير مهامها للقيام بوظيفة مراقبة حقوق الإنسان فإن في ذلك اعتراف بأن المنتظم الدولي غير منزعج من الوضع الحقوقي في الجنوب المغربي، وخلافا لما تريد البوليساريو والجزائر ايهام المجتمع الدولي بذلك، فإلرأي العام الدولي مقتنع اليوم بأن قضايا حقوق الانسان في المغرب والصحراء أحسن بكثير منه في الجزائر ومخيمات تندوف بل وفي باقي الدول المغاربية والعربية.
ويشكل فشل رهان الجزائر والبوليساريو على الورقة الحقوقية في الأقاليم الصحراوية انتكاسة حقيقية في الضغط على المغرب بتحريك الشارع الصحراوي، فإنه كان من الطبيعي أن تجند البوليساريو والجزائر مناصريهما لضمان هامش من مساحة لصوت انفصالي الداخل ما بعد تقرير كريستوفر روس.
وعليه فلا أعتقد أن عودة بعض البرلمانيين الأوربيين إلى إحياء هذه المطالب بزيارة الأقاليم الجنوبية لا يمكنه إلا أن يقرأ في ارتباط بقرب موعد صدور تقرير مجلس الأمن الدولي لأبريل 2013 في سعي لتضمينه توصية تتيح لأي كان زيارة الصحراء وممارسة أنشطة سياسية تتصل بقضية النزاع في الصحراء.
وهي التوصية التي يعترض عليها المغرب لأنها تمس برمزية سيادته الترابية على الصحراء، وجعل الصحراء أرض نزال دولية مستباحة أمام الجميع، حتى وأن المغرب لا يعترض على زيارة الأقاليم الجنوبية إلا على الذين لهم توجهات سياسية انفصالية.
ويأتي ارتباط جدل البرلمانيين الأوربيين المطرودين منسجما أو موجها بدعوة ما يسمى سفير تنظيم البوليساريو من الجزائر البرلمان الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة إلى ما اعتبره رد "حازم" على طرد السلطات المغربية للنائب السلوفيني عن كتلة وسط اليمين السيد ايفو فاجل ونائب كتلة الحزب الاشتراكي الاوربي السيد فانسون رامون غورليز (اسبانيا) والسويدية ايزابيلا لوفين عن كتلة حزب الخضر .
والفاحص لجنسية النواب المطرودين والأحزاب التي يمثلونها هم من تيارات سياسية نووية في الاتحاد الأوربي أو من برلمانات لها مواقف مؤيدة لجبهة البوليساريو بينما واقع المصداقية يقتضي الحياد وليس الانحياز.
وأمام كل هذا وكأي دولة تعمل على صيانة رمزية وحدتها الترابية لم يكن أمام المغرب إلا طرد هؤلاء مادامت الغاية من زيارتهم للصحراء كانت ذات مسعى سياسي يهدف إلى مؤازرة موقف جبهة البوليساريو والجزائر في وقت يتحضر فيه لصياغة تقرير أبريل حول الصحراء.
نشرت جرائد مغربية اليوم ان النواب الأوربيين المذكورين طالبوا بطرد سفير المغرب لدى الاتحاد الاوربي، كرد فعل على منعهم من دخول المغرب، ألا ترى ان هذا مؤشر على أزمة دبلوماسية محتملة بين المغرب والاتحاد الاوربي؟
وا أعتقد أن الأمر يصل إلى حدوث أزمة دبلوماسية بين المغرب والاتحاد الأوربي بديل أن المغرب سبق له وفي عدد من المناسبات أن اعترض على زيارة نواب أوربيين فرنسيين واسبانيين بسبب مواقفهم السياسية المؤيدة لجبهة البوليساريو والجزائر.
وإلى حدود اليوم لم يصدر عن مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي السيدة كاثرين أشتون أي موقف تجاه الحادث، ذلك لأن الاتحاد الأوربي يستوعب حساسية الاعتراض المغربي على زيارة النواب الأوربيين ماداموا يحملون مواقف سياسية تمس برمزية السيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية.
وطبيعي أن تبرز هذه التقاطعات في وجهات نظر المغرب وبعض من النواب الأوربيين المنتمين أساسا إلى الأحزاب الأوربية اليسارية على السطح مادامت أن زيارتهم ذات دوافع سياسية صرفة أكثر منها حقوقية، ولذلك لا يمكن تسجيل تداعيات سياسية على الشريك الأول للإتحاد الأوربي في شمال افريقيا.
ويكون المغرب مطمئنا إلى هذه التشنجات التي لا تعكس بأي حال من الأحوال توجهات في الاتجاه الأوربي تجاه مسألة الصحراء، اللهم إذا استثنينا بعض المواقف الأوربية من قضايا متصلة بحقوق الانسان وما يندرج تحتها من قضايا تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجماعات أو للأقليات. وهي ذات الاعتبارات التي تفرض في كثير من اللحظات نقاشا أو جدلا تختلط فيه الممارسة السياسية بالعمل الحقوقي.
هل يمكن القول أن المغرب خسر معركة الدبلوماسية الموازية مع الاتحاد الأوربي برأيك؟
لا أحد ينفي تأثير تفاعل الإعلام الأوربي والدولي مع هذا الحدث، لاسيما أن النواب المطرودين ينتمون إلى الفضاء الأوربي الذي تجمعه بالمملكة المغربية علاقات الوضع المتقدم ومن خلال وجود لجنة الأوربية مغربية برلمانية مشتركة.
إضافة إلى ذلك، فإن تداعيات الطرد قد تكون جد مكلفة من الناحية السياسية على صورة المغرب داخل البرلمان الأوروبي، وكذا داخل البرلمان الدولي الذي يترأسه المغرب عبر السيد عبد الواحد الراضي الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي.
إلا أنه وكما أشرت فإن من شأن ذلك أن لا تكون له تداعيات سلبية على موقف الاتحاد الأوربي تجاه المغرب، لاسيما أن مواقف الاتحاد الأوربي تصدر بناء على تقارير وفحص لتعهدات المغرب الحقوقية ومدى تطوره في تحقيق الاصلاحيات السياسية والاقتصادية التي عهد له بتنفيذه.
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى المستقبل الصحراوي .