مبارك السمان
من
خلال حوار مع احد الصحراويين من داخل مخيمات تندوف جنوب الجزائر ، فضل عدم
الكشف عن هويته كإجراء امني لسلامته، حاولنا أن نرصد لكم بعضا من معاناة
صحراويين سئموا من حياة الانتظار في مخيمات تفتقد لأبسط شروط الحياة
الكريمة.
بداية نشكركم على تلبيتكم الدعوة لإجراء هدا الحوار، وكسؤال أول : مادا عن وضعية السكان خصوصا الأطفال في مخيمات اللاجئين بتندوف؟
أولا نحن لسنا لاجئين نحن محتجزين في ثاني اكبر سجن بالعالم تسيطر عليه الجزائر بمساندة ميلشيات مسلحة، لذلك فنحن في حالة سجنية مادمت المخيمات لا تنطبق عليها معايير وشروط مخيمات اللجوء.
إننا
مع أطفالنا نعيش في ظروف جد صعبة ظروف إنسانية سيئة لا تتناسب والحياة
الآدمية، أخضع أبناؤنا على التربية على الحقد والكراهية، ذلك أن المناهج
التربوية في المخيمات تربي النشء على العنف والحقد ورفض الأخر وغرس
الكراهية في نفوس الأجيال، وهذه كلها أساليب لا تربوية أثرت سلبا على شخصية
الطفل الصحراوي المحاصر الذي تربى في وسط أقرب إلى بؤس العبودية
والاحتقار.
إن
الآلاف منا يسلب منهم أبناءهم بالقوة من عائلاتهم ويبعدون قسرا إلى كوبا
حيت يتم طمس هويتهم وتربيتهم على مبادئ شيوعية ويتلقون تدريبات عسكرية، إذ
تعتبر تندوف مزرعة محمد عبد العزيز وقيادته يستغلون براءة أبناء الصحراويين
لشحنهم بمفاهيم وأفكار خطيرة.
وماذا عن وضعية المرأة داخل مخيمات تندوف؟
تعيش
المرأة الصحراوية بمخيمات تندوف قمة الاحتقار والإهانة للوضع المزري التي
تعيشه بينما تترفل زوجة عبد العزيز وزيرة الثقافة في كل الامتيازات. إن
المرأة داخل المخيمات تعيش وضعية جد مزرية، إضافة إلى قساوة المناخ الحار
بالصحراء، فضلا عن الإجرام الممارس في حقهن. حتى أنهن عشنا ثكالى بسبب سلب
فلذات أكبادهن من أحضانهم بالقوة وتهجيرهم إلى دول شيوعية في تحد صارخ
للمواثيق والعهود الدولية.
ولا
أعتقد أن يكون مكان آخر في العالم يهين ويجرح المرأة كما هو الحال داخل
مخيمات تندوف، وعلى الرغم من هذه المعاناة تبقى المرأة الصحراوية صامدة في
وجه كل هذه التحديات تعاني في صمت تحت رحمة الشتات والحصار الظالم المفروض
عليها غصبا عنها.
تحدثت عدة تقارير مؤخرا عن الرق والعبودية في تندوف إلى أي حد يمكن تشخيص هذه الظاهرة؟
تعد
العبودية في المخيمات مسالة عميقة في وعي قيادة جبهة البوليساريو، فالذي
يتاجر في أعراض الناس ويحتجزهم كرها، فإنه يمارس كل أشكال الاسترقاق على
المحتجزين بصور متعددة منها الاسترقاق بمفهومه الواسع والاسترقاق الخفي،
يعني تحت ستار البغاء بمباركة من رجال السلطة في المخيمات وتحت أعين
القيادة التي تنكر وجود الاسترقاق جملة وتفصيلا.
إن
ظاهرة الرق مرتبطة أساسا بعنصرية تؤمن بها المترفين من "علية قوم محمد عبد
العزيز" في تندوف دأبت على الاتجار في البشر وحماية التنظيمات الإرهابية
التي تشتغل في الهجرة السرية بمنطقة الصحراء. مما جعل العبودية كظاهرة
معتادة لدى الأسر المتنفدة من القيادات ووزراء وعسكريين وشيوخ.
وتختلف
الصفة من خدم إلى عبيد لكن تحت مظلة الاسترقاق، وهذا جرم بشع على العالم
أن يتدخل لتضمين الحقوق الإنسانية وأن نكران هذه العنصرية جرم أشد، إذ يشتد
ذلك بجرائم الحصار والفقر والتهميش والمعاناة التي لم يسلم منها أهالينا
هنا.
وإذا
كانت العبودية ظاهرة خطيرة غزت المجتمع الصحراوي فهناك آفة لا تقل خطورة
عنها تتمثل في حملات التنصير داخل المخيمات التي تستغل حاجة المحتجزين في
ظل تردي الأوضاع المعيشية وحاجتهم إلى المساعدات الغذائية، ومن ذلك تواطؤ
قيادة الجبهة مع المنضمات الدولية ذات التوجهات التنصيرية التي تنشط بشكل
مريب داخل المخيمات مقابل الترافع عن قضية الصحراء الغربية أمام هيئات
دولية.
وما
لفت الانتباه أكثر مؤخرا هو التشيع الذي بدأ يغزو المخيمات بشكل كبير
قادما من الصحراء الكبرى عبر بعض المقاتلين الصحراويين في صفوف الجماعات
المسلحة المنتشرة بالمنطقة والمرتبطة بإيران .
هل يمكن أن تعطينا رقم معين عن عدد سكان المخيمات وطبيعتهم وطرق مجيئهم إلى المخيمات؟
من
الصعوبة بمكان تحديد العدد الحقيقي لساكنة مخيمات تندوف فالجزائر
والبوليساريو تتحدثان عن عدد مبالغ فيه لا يعكس الحقيقة، في حين تحدثت
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغداء العالمي عن عدد اقل من مائة
ألف وكل هذه التقديرات الجزائرية مبالغ فيها، لكن ما يمكن تأكيده هو أن
السكان الأصليون القادمون من الصحراء الغربية يشكلون اقل من نصف الساكنة في
المخيمات والبقية تم استقدامهم من دول جنوب الصحراء ومن بدو الجزائر
المحاذية للمخيمات مع بدء تطبيق وقف إطلاق النار بغية تضخيم أرقام الساكنة
بمخيمات تندوف.
أما
الصحراويون الأصليون فقد كانوا رحل ينتقلون مع مواشيهم وطرق مجيئهم إلى
تندوف تختلف، فمنهم من هرب خوفا من القصف والاقتتال الدائر بين مقاتلي
البوليساريو والجيش المغربي بعد خروج اسبانيا من الصحراء الغربية وتسليمها
إلى المغرب، ومنهم من تم استقدامهم بالقوة من طرف مسلحي البوليساريو، ومنهم
من أتى طواعية بعد تنويمهم بشعارات قومية زائفة ليجدوا أنفسهم ضحايا حرب
مفتعلة بعد عقود من الاستبداد المقنع بقناع الحرية وتقرير المصير، فلم
يتحقق شيئ من تلك الأماني.
هناك أنباء تحدثت عن لجوء قادة بعض الجماعات المسلحة بمالي إلى الاحتماء بمخيمات تندوف مباشرة بعد اندلاع الحرب بشمال مالي؟
إن
السلطات العسكرية الجزائرية وملشيات البوليساريو تحاول اليوم فرض حصار
عسكري مطبق على المخيمات من قبل بدء الهجمات الفرنسية على شمال مالي، حيت
أقدم الدرك الجزائري والصحراوي بوضع أحزمة رملية ضخمة لفصل المخيمات عن
بعضها البعض بغية التحكم في الدخول والخروج من المخيمات وبدأت القوات
العسكرية في عمليات تفتيش للسيارات وتسجيل وقت دخولها وخروجها مع فرض حراسة
أمنية مشددة على مداخل المخيمات والثكنات العسكرية ومخازن التموين المدني
والعسكري، وذلك لمنع تسريب أي خبر حول تحركات بعض قادة الجماعات المسلحة
المفترض قدومهم إلى المخيمات مع بدء العمليات الفرنسية بشمال مالي، والتستر
أيضا على عمليات التمويل الغدائي للجماعات المسلحة انطلاقا من مخازن
الرابوني عبر فائض المساعدات الدولية التي يتجه جزء منها نحو أسواق الدول
المجاورة والتي تدر أموالا طائلة على قيادة الجبهة.
وقد
لجأت الجزائر إلى توقيف عمل العديد من المنظمات الإنسانية التي تشتغل
بتندوف بحجج واهية، وعملت على الحد من تحركاتها للتستر على أي تواجد لقادة
الجماعات المسلحة وعمدت إلى فرض حراسة لصيقة على الزوار الأجانب بواسطة جيش
من المخبرين خصوصا بعد عملية عين أميناس التي تحمل بصمات واضحة لبعض
الجماعات المسلحة الممولة من قبل المخابرات الجزائرية.
كيف تقرءون التدخل العسكري الفرنسي في مالي وما تأثيره على النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية؟
لا
شك أن الحرب في مالي أربكت حسابات قيادة الجبهة نظرا لعلاقتها الوطيدة
بالجماعات المسلحة بشمال مالي ونسجها لعلاقات مشبوهة مع رجالات الجريمة
العابرة للقارات في الصحراء الكبرى، وهذه الحرب حجمت من تحركات الجبهة التي
تعتبر الصحراء الكبرى مرتعا خصبا لأنشطة التهريب والتجارة الدولية في
المخدرات والهجرة السرية التي ينشط فيها اغلب قادة البوليساريو مما أربك
حسابات الجزائر حليفة البوليساريو والتي أرغمت على ما يبدو على قبول التدخل
العسكري الفرنسي في مالي.
أما
بالنسبة لقضية الصحراء الغربية أضن أن الجبهة تلقت ضربة موجعة لم تكن في
الحسبان، فثبوت ضلوع البوليساريو في حرب مالي ومن قبل بليبيا، والتقارير
التي تحدثت عن اعتقال ومقتل موالين للجبهة في شمال مالي وتواجد قادة
للجماعات المسلحة بتندوف وبالحدود الجزائرية المالية وحدود ما يسمى
بالأراضي المحررة وموريتانيا، كل هدا يحرج الجزائر ويطرح لها مشاكل لدى
المجتمع الدولي وجيرانها في المنطقة مما يزيد من تكلفة الأموال المرصودة
للقضية من ميزانية الجزائر والمدفوعة لبعض الأبواق الخارجية للتغطية على ما
يدور داخل المخيمات.
عموما
قادة الجهة هنا بتندوف لا يخفون توجسهم من مستقبل القضية المرتبطة أساسا
بمصالح شخصية أذكته الصراعات الداخلية بين قادة الجبهة لاسيما بعد عودة بعض
الشخصيات المؤثرة في المخيمات من هجرتها إلى شمال مالي بعد بدء الحرب، مما
يزيد من احتمال قيادتهم لاحتجاجات داخل المخيمات سخطا على سياسات الرئيس
وأعوانه على غرار ما وقع في ثمانينيات القرن الماضي.
ما تقييمكم لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب؟
إن
المقترح المغربي بطبيعة الحال ليس قرآنا منزلا فهو قابل للنقاش والتداول
ما دامت هناك رغبة المغرب في إيجاد حل متوافق عليه لإنهاء هده المعاناة
الإنسانية، وبالصيغة التي طرحها المغرب لم تلق أدانا صاغية من طرف قيادة
الجبهة ولن ترضي الجزائر باعتبارها طرفا في النزاع، وليس ثمة شك في إرادة
المغرب لطي هذا الملف الشائك الأمر الذي يبدو شبه غائب لدى قادة الجزائر
بحكم علاقتها بالصراع القائم بين المغرب والصحراويين ناهيك عن الصورة
الضبابية التي تلف موقف قيادة الجبهة وهو أمر طبيعي بالنظر إلى من يدير
الصراع يعد ضربا لمصداقية السعي نحو إيجاد حد لمعاناة الصحراويين في تندوف،
واعتبر أن الوقت مناسب للدخول في مفاوضات مباشرة بين أطراف النزاع من دون
شروط مسبقة بغية وضع خارطة طريق للعمل على إيجاد حل نهائي للنزاع عبر إشراك
حقيقي للساكنة أي صحراوي الداخل والخارج كأطراف مفاوضة، لأنه ليست ثمة
فرصة لإيجاد حل ما لم يسمع صوت الصحراويين من أجل وضع حد للمتاجرة
بمعاناتهم عبر حل يرضي جميع الأطراف مبني على حكم ذاتي كامل وواسع، وليس
هناك بديل أخر عن الاستقلال الذاتي في جميع مناحي الحياة القضائية
والثقافية والتعليمية...من خلال قوانين تنظم العلاقة بين السلطة المركزية
وبين إقليم الصحراء المتنازع عليه وتبدأ بوضع ورقة إطار لإقامة هذه السلطة
وتحديد كيفية انتخابها وحدودها وتنتهي بوضع مسودة نهائية للاتفاق على أن
تليه مراحل التطبيق بإشراف أممي.
كيف تنظرون إلى التحولات التي عرفتها الأقاليم الصحراوية للمملكة مند الاستقلال إلى اليوم؟
مدن
الصحراء كباقي المدن جنوب المغرب تعرف نهضة شاملة في كل القطاعات عكس ما
تروج له الجزائر والبوليساريو وبعض المنبطحين ممن أصيبوا بعمى التضليل
فالصحراء الغربية تعرف نهضة في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية عبر مشاريع إستراتيجية جعلت منها قطبا اقتصاديا واعدا سيعود
بالنفع على ساكنة المنطقة برمتها، وهدا لا يمنعنا من ذكر بعض الاختلالات في
تدبير الشأن المحلي التي تعرفها المنطقة والدي تشوبه الكثير من الشوائب
مما أخر انعكاسها على ساكنة المنطقة وهذا راجع الى غياب إستراتيجية واضحة
في هذا المجال، لكن الوضع أفضل بكثير مقارنة مع صحراء الجزائر وموريتانيا
حيت نجد فرقا كبيرا، فهذه المناطق لازالت تعيش وضعا بدائيا رغم الثروات
التي تزخر بها.
وضع حقوق الانسان بالصحراء المغربية مقارنة مع مخيمات تندوف؟
أكيد
هو أفضل بكثير عما هو عليه في مخيمات تندوف فوضعية حقوق الإنسان بالمخيمات
جد مزرية ارتكبت فيها أبشع الجرائم في حق الإنسانية، إبادة، تعذيب، قتل،
وعمليات الاختفاء ألقسري والاعتقالات اليومية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة
لحقوق الإنسان دون تقديم أيا من مرتكبيها إلى العدالة وهدا يجري تحت أعين
الجزائر المسؤولة لتواجد المخيمات فوق أراضيها وكذا الصمت الدولي غير
المفهوم إزاء هده الانتهاكات، أما بالنسبة للمناطق الصحراوية الخاضعة لسلطة
المغرب رغم بعض الأحداث المعزولة فالمنطقة تعيش وضعا حقوقيا في تحسن ملحوظ
، فقمة حرية التعبير أن ترفع شعارات سياسية داخل الأقاليم الصحراوية وحتى
في عاصمة المغرب من قبل بعض الصحراويين دون المساس بهم.
على ذكر محاكمات متهمي أحدات كديم ازيك هل من ملاحظات حول المحاكمة وكيف ينظر إليها السكان من داخل المخيمات؟
ربما
سكان المخيمات هم الحلقة الأبعد عن مثل هده الأحداث نظرا للتعتيم الإعلامي
الذي تمارسه سلطات البوليساريو والنظام الجزائري عبر توجيه الرأي العام
بإعادة صياغة الخبر بلغة تتناسب مع أهواء القادة بعيدا عن واقع الخبر
ومصداقيته، لكن الذي يبدو جليا هو أن المحاكمة استوفت المعايير الدولية
للمحاكمة العادلة بشكل غير مسبوق، تمثل في حضور العديد من المراقبين
الدوليين بل منهم مراقبين غير محايدين موالين لأطروحة الجبهة ومنهم من تغدق
عليه الدولارات الجزائرية.
بعض الأسماء في إجابات مختصرة.
كريستوف الروس.
لن
يضيف للقضية شيء إلا التعطيل والمماطلة ، لا تهمه إنهاء معاناة الصحراويين
بقدر ما تهمه مصلحة النظام الجزائري لا غير، المغرب أخطا في إعادة الثقة
فيه لان القضية تحتاج إلى شخص محايد على قدر كبير من الحكمة شروط لا تتوفر
للأسف في روس.
مصطفى سلمى ولد سيدي مولود.
أسد
زأر بقوة في وجه الظلم، حمل على عاتقه هم القضية، استرخص كل شيء في سبيل
قيم الحق والعدل والحرية والعزة والكرامة، ما تعرض له من اختطاف واحتجاز
وصمة عار على جبين النظام الجزائري وقياة الرابوني.
كلمة أخيرة.
لم
يعد مسموحا لأحد دفن رأسه في رمال الصحراء تحت لافتة دمقرطة كاذبة وشعارات
زائفة في ظل استمرار الوضع القائم على ما هو عليه، ولهده الأسباب فان رفع
الجزائر يدها عن معاناة الصحراويين بات مقدمة ضرورية في اتجاه إنهاء معاناة
الصحراويين داخل مخيمات تندوف... ارحمونا...قلوبنا ترتجف من شدة الشوق إلى
معانقة الأهل والأحباب والجلوس إليهم ومؤانستهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق