صحراوي من المخيمات...
إن مصيبتنا نحن الصحفيين الصحراويين في القلم، إذ بعد كل أوجاع
التأمل، و القراءات المتعددة نجد أنفسنا نجذِّف بذلك القلم عُرَات تحت نَدَى
الحُمْقِ الجزائري الذي يحرِّك رمالنا، و يدفعنا لنزهد الوطن و اللجوء و الكتابة،
و نقلع عن كل شيء، غير أن الأمر عسير جدا، إذ هو يشبه رغبة المدخن في الإقلاع عن
إدمانه مع كل سيجارة يراها الأخيرة...، فمن ينوب عنَّا ليخبر النظام الجزائري،
المصاب بأعراض "البومديانية"، أنه أفلس، و أغرق سفينة الصحراويين في
رمال تندوف.ا
لمن المخزي فهم ما حدث في الجامعة الصيفية
لبومرداس، و كم هو مهينا هذا التوشح برداء الذل، إذ جرَّني ترابط الأحداث مُذْ خرج
شبابنا يطلب الإستجمام في شواطئ بومرداس إلى ظهوره في مطار محمد الخامس
مُتَوَتّرًا و منزعجا من السلطات هناك، مرورا بما شاهدناه جميعا على القنوات
الجزائرية التي بثت صور أبنائنا يجمعون قمامة المصطافين، كل هذا و ذاك جعلني
مضطرّا للحديث عما يدور في طنجرة الضغط العالي الجزائرية، و التي دونما شك، توشك أن
تكرر خطأها السابق حين كلف شعبنا سنة 2010، فاتورة ثقيلة أمام المجتمع الدولي.ا
الجزائر اليوم تتطور سلبا، و تكاد تَبِينُ عن حقدها الغريب إتجاه
أبنائنا الصحراوين، فسلوكها معهم بدأ يَحِيدُ عن اللُّطف، و كأنها تطلب اليوم مقابلا
عما قدمته لنا، و نحن نعجز عن الدفع لها، لتجدنا نستسلم من جديد لخبث تدبير
جنرالاتها، الذين يسابقون الثواني لإعداد مأساة جديدة تزهق الأرواح، سيرا على ما
حدث في سنة 2010 السوداء، حين غرقت "العيون" في ظلام الحقد
الجزائري الذي حقن لأبنائنا في ذات الجامعة الصيفية و جعلهم لا يفرقون بين العدو و
الصديق، حتى تلطخت أيدينا بدماء إخواننا المسلمين، و أقول إخواننا المسلمين لأن
هذا قَدَرٌ لا زور و لا زيغ فيه، فقد نختلف في المبادئ و القناعات، لكن ما يوحدنا
أكبر مما يفرقنا.ا
و بالعودة إلى رحلة الإصطياف و التي كانت حسب الشباب الذي شارك
فيها، رحلة تكوين شبه عسكرية، حصل فيها أولادنا على آخر صرخات الموضة القتالية المستوحات
من المسلسل "الهيتشكوكي- الداعشي"، بعد أن تعرضوا لعملية سطو فكرية ربما
هي الأبشع في تاريخنا الصحراوي الحديث، في محاولة مريضة بالخجل الجزائري الذي يحب
عدم الظهور أمام المغرب بصورة الجار الخبيث، و يسمح لنفسه بقتل أبنائنا سواء في
مواجهات غير متكافئة مع القوات المغربية النظامية أو داخل السجون حيث الموت يصنع
مجده على حساب المغرر بهم.ا
فمن ينقد أبنائنا من خبث هذا
المخطط، و كيف نبلغ العدو المغربي أن أبنائنا ضحايا وجب إسقاطهم من هذا الصِّراع،
فالوطن ضاع منا منذ زمن، في لحظة قبولنا الخروج منه و اللجوء إلى تندوف، و كل
أمانينا اليوم أن نعيش بسلام في عصر توازن الرعب بين المغرب و الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق