يوميات انفصالي..
كنا قبل اليوم نعيش انفصاما هو الأغرب في تاريخ البشرية، كنا
نُخفي مغربيتنا و نعيشها بِسرية مطلقة وسط غرورنا الانفصالي، و ما علمنا يوما أننا
سَنَنْفَضِحُ عند أول لقاء باسم الحقيقة، إلا و نحن نرى أقدام الملك تطأ شوارعنا و
تقلب الفضول الذي أخرجنا لرؤيته إلى حب جعلنا ننجذب إليه بغرابة، و مسح كل الفوارق
التي فصلت بيننا و بين العرش لأزيد من أربعة عقود. ا
ما كنت يوما أحسب الصحراويين يلومون قيادتنا لأجل الملك، و ما أدركت
قبل اليوم أن للعلويين عمق في قلوبنا، حكى لنا عنه الأجداد يوما، حتى أدهشني مشهد
الأعين و هي تفيض بوهج الدمع الذي يعاتب لُؤْمَ القيادة و ظُلْمها، و تشهق لتكشف
مصيبة الضياع التي تبعثر فينا كل إحساس بالانتماء و تحرمنا لذة المواطنة.ا
إن ما رأيناه من الصحراويين الذين أخرجهم الفضول لرؤية الملك، قبل أن
يجرفهم حبه، يجعلنا نتأكد من الخطأ التاريخي الذي أوقعتنا فيه الجزائر، بتوتطأ مع ضعاف
النفوس من قيادتانا، لمدة أربعين سنة من الخلاف و العتاب، خرج من رحمه الجيل
الثاني الذي ننتمي إليه جميعنا و الذي كنا نضن أنه قطع العهد نهائيا مع العرش، غير
أن نظرة من الملك كانت تكفي لتجعلنا نعود من سحيق الانفصال، نحمل وطنية يغير منها
حتى المستوطنين.ا
فملك مثل هذا، أخلص نيته لله و لشعبه، لا أظنه يحتاج إلى قرارات
أممية ليحكم الصحراء، و هو اليوم يحكم أوطانا أبعد و يمتلك شعبية جارفة وسط شعوب إفريقيا،
فلو دعاهم للانضمام إلى المغرب ما ترددوا لحظة، و لعصفوا بحكَّامهم و هم لا
يشعرون، فلا أمل بعد اليوم لقيادتنا في شبر من الأراضي التي ضننا يوما أننا قادرون
على بترها من جسد المغرب. ا
و كما قال صدام يوما
للأمريكيين، إذا أردتم أخد العراق، فسوف "تحتاجون لإفراغها أولا من
شعبها"، و هذه حقيقة المغرب، من أراد الصحراء سيجد أول المدافعين عنها من
أبنائها الصحراويين، فهم و إن أدمنوا العداء للمغرب يستحيل أن يروا أنفسهم بعيدا
عنه و هذا قمة الجنون في حب الأوطان، و كل ذلك الصراع ما هو إلا عتاب الأحبة،
يُمْسَحُ كل أثره عند أول لقاء مع الحقيقة، لأن الصحراوي يستحيل أن يعيش بعيدا عن
رائحة الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق