استطاع مصطفى سلمى
ولد سيدي مولود تحقيق اختراق مهم للمخيمات أربك حسابات جبهة البوليساريو عقب نجاحه
في توزيع مواد غذائية على عائلات صحراوية متواجدة بالأرياف والبوادي عانت من ويلات
الجفاف وقساوة الظروف الطبيعية في الأشهر الأخيرة ، ساهم من حدتها التضييق الأمني
الخانق الذي مارسته الجزائر والبوليساريو على الحركة من وإلى المخيمات، مما جعلها
تعيش مأساة استثنائية بامتياز تفاقمت بشكل كبير بعد إصدار البوليساريو لقانون يمنع
الصيد بالأرياف ويحذر استعمال الحطب واستغلال الأعشاب الطبية.
وأمام هذه الوضعية
الكارثية، تم إطلاق نداء استغاثة لأحرار العالم ولذوي الضمائر الحية من أجل
إنقاذ هذه الشريحة المهمة من الصحراويين الذين يتهددهم الجوع والفقر أمام تنكر
البوليساريو ورفضها مد يد المساعدة لهم. وهو الأمر الذي استدعى تدخل المناضل
الصحراوي مصطفى سلمى من أجل العمل على ما يمكن معه التخفيف من معاناتهم، من خلال
تقديم مساعدات غذائية أساسية تدخل في أساسيات القوت اليومي للصحراويين. وبمجرد
علمها بخبر توزيع المواد الغذائية حجت العشرات من العوائل الصحراوية عن طيب خاطر
على مكان توزيعها، لينتشر الخبر كالنار في الهشيم، ما استدعى تدخل جبهة
البوليساريو لمنع الصحراويين من الوصول إلى مكان التوزيع، بل أكثر من ذلك دعت إلى
تجمعات شعبية عممت خلالها بيانا يمنع المواطنين من المساعدات التي يوزعها مصطفى
سلمى، ويحذرهم من أن تركيبتها ممزوجة بالمخدرات. إلا أن نداء البوليساريو لم يجد
الآذان الصاغية لدى الصحراويين الذي قرروا التزود بتلك المساعدات مع حثهم للمناضل
مصطفى سلمى على ضرورة تكرير نفس العملية والإكثار من الكمية في مستقبل الأيام. وهو
الأمر الذي كشف المعاناة الحقيقية للمواطنين الصحراويين الذي يرزحون نحت استغلال
قيادة البوليساريو لمأساتهم، ويبرز تناقض دعوة رئيسها في مؤتمر روما الأخير بضرورة
الزيادة في المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة إلى المخيمات، في الوقت الذي تمنع
فيه أجهزته الأمنية مساعدة إنسانية بسيطة من مواطن صحراوي لأبناء عمومته يعرف حق
المعرفة حاجتهم إليها، ومتيقن أكثر من غيره أن المساعدات الإنسانية الدولية وإن
تضاعفت آلاف المرات لن تصل إلى أصحابها وأهلها الحقيقيين لأن قادة البوليساريو
يفضلون بيعها في الأسواق الموريتانية على أن يدخلوا بها البسمة على ساكنة
المخيمات.
من هنا رأت جبهة
البوليساريو أن المناضل مصطفى سلمى سيدي مولود يلعب في ساحة محرمة، وأن عمليته
الإنسانية تفضح القيادة وسرقتها للمساعدات الإنسانية من جهة، وتحرجها دوليا من جهة
أخرى إن هي منعته من توزيعها باعتبارها في النهائية مساعدات غذائية لا أقل ولا
أكثر، و تعرف هي أكثر من غيرها احتياج الصحراويين لها، وهو نفس الاحتياج الذي
يعطيها الحق لطلب المساعدة من المنتظم الدولي باسم الصحراويين في كل مناسبة أو حدث.
إلا أن الإحراج وانكشاف التلاعب بالمساعدات ليس أهم عند قيادة البوليساريو من
سمعتها ورمزيتها بين الصحراويين، وهي المكانة التي رأت في مبادرة ولد سيدي مولود
إعلانا صريحا يمس منها، ويبرز مصطفى سلمى بطلا بين الصحراويين لأنه رغم معاناته لم
ينس مأساة إخوانه وأبناء جلدته، والأكثر من ذلك أن تأتي مثل هذه العملية الإنسانية
من شخص يدافع عن مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء وحاول أكثر من مرة
إيصالها إلى ساكنة المخيمات، وإن نجحت مبادرته الإنسانية فهو مؤشر على تعاطف شعبي
كبير قد يتجاوز الإعجاب بالشخص وغيرته الصحراوية ونبله، إلى الاقتناع أكثر بأن ما
يدعو إليه من طرح سياسي هو الأقرب إلى الواقع والأكثر حرصا على مصلحة الصحراويين،
ما يجعل قيادة البوليساريو تدخل محك مقارنة بينها وبين المناضل مصطفى سلمى ستكون
نتيجتها لا محالة لصالح ولد سيدي مولود الذي دافع عن الصحراويين، وقدم حياته ثمنا
في سبيل قناعاته بأن الحكم الذاتي هو الحل النهائي الذي ينهي معاناتهم، وحتى وإن
تأخر دخوله إلى المخيمات ولو إلى حين، فهو استطاع أن يدخل المخيمات وأن يصل إلى
ساكنتها عبر القلوب التي تدعوا له بالخير والنجاح بعد مبادرته الإنسانية المحضة
التي أثبتت نبله وأصله وغيرته على أبناء جلدته.
منتدى دعم مؤيدي
الحكم الذاتي بتندوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق