الفاتحي: البوليساريو تشوش على وضع المغرب "المتقدم" مع الاتحاد الأوربي

      Comments 0  
عبد الفتاح الفاتحي٭
يتواصل مسعى جبهة البوليساريو إفشال المفاوضات المغربية الأوربية حول توقيع اتفاقية الصيد البحري، بدفوعات متعددة فمرة تضغط في اتجاه فرض تعهدات حقوقية في الصحراء مقابل التوقيع على أي اتفاقيات جديدة في إطار الوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوربي، وتارة تستند إلى دفوعات قانونية تشكك في شرعية توقيع الاتحاد الأوربي والمغرب اتفاقياتي حول الصيد البحري والفلاحة على اعتبار أن الصحراء منطقة نزاع دولي، وأن أي اتفاق في هذا الشأن يعد استغلال غير مشروع للثروات الطبيعية.
خطورة دفوعات جبهة البوليساريو القانونية والحقوقية تجلت مؤخرا، بعد نشر الجريدة الرسمية للإتحاد الأوربي مضمون الدعوى القضائية التي تقدمت بها جبهة البوليساريو الى القضاء الأوروبي للطعن في اتفاقية التبادل الزراعي الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وفي ذلك تهديد متواصل لبعد الشراكة الاستراتيجية للمغرب مع الاتحاد الأوربي انطلاقا من مدخل اتفاقية الوضع المتقدم.
وكان المغرب والاتحاد الأوروبي وقعا اتفاقية زراعية سنة 2010، وصادق عليها البرلمان الأوروبي بعد جلسات عاصفة سنة 2012، فدخلت الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ.
ولأن هناك ارتباطا قانونيا قويا فيما بين الاتفاقية الفلاحية واتفاقية الصيد البحري، وعليه فإن عدم وجود مبررات قانونية لسريان اتفاقية الصيد البحري أو الاتفاقية الفلاحية ستكون له تداعيات مماثلة على الاتفاقيتين، بل وله تداعيات سلبية على صفة الوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأوربي. ذلك أن المغرب لا يمكن أن يعتمد مقاربة تجزيئية لوحدته الترابية فيما يخص الاتفاقيتين، ولعل ذلك ما تسبب إلى حدود اليوم تعثر التوقيع على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، إلا محدودية الشق القانوني في اتفاقية الصيد البحري مادامت المفوضية الأوربية متمسكة بتقديم المغرب فواتير صرف نسب من عائدات الاتفاقية في مشاريع تنموية في الأقاليم الجنوبية.
تشويش البوليساريو
قبول دعوى جبهة البوليساريو للطعن في قانونية الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوربي، يشكل عملا مكملا للطعون التي قامت بها جبهة البوليساريو ضد اتفاقية الصيد البحري، والتي ترتب عنها تعطيل المفاوضات دون توقيعها بعد عقد عدة جلسات للحوار بين الجانب المغربي والأوربي.
وحيث إن جبهة البوليساريو بات بإمكانها التشويش على مسار صفة الوضع المتقدم للمغرب لدى الإتحاد الأوربي بفضل وجود هيئات حقوقية وبيئية في كل من السويد والنرويج وإسبانيا تدعم موقف البوليساريو داخل الاتحاد الأوربي، سيما وأن لها دعم قوي لنواب سويديين ونرويجيين واسبانيين داخل البرلمان الأوربي.
قوة التهديد القانوني والحقوقي لجبهة البوليساريو للرهانات والطموحات المغربية لفك الحصار الذي تحاول تفرضه عليه الجزائر توفر الجبهة على العديد من النواب البرلمانيين الأوربيين المساندين لأطروحة البوليساريو، وكذا بعد أن تأكد مسطريا أن دعوى البوليساريو وبعد نشرها على الجريدة الرسمية للاتحاد الأوربي، فإن ذلك يمنحها قوة قانونية لأن تتداولها المحكمة الأوربية قبل متابعة دراسة باقي جوانب الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وبذلك تبقى مسألة ضرب مشروعية السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية لحدود الآن أولية العمل الدبلوماسي لجبهة البوليساريو، في اتساق دائم مع دبلوماسيتها القائمة على تسويد الصورة الحقوقية للمغرب في أقاليم الصحراء، حيث تراهن عليها دبلوماسية الجزائر والجبهة تقوية موقفهما التفاوضي تحسبا لأي ضغط الدولي للإسراع بضرورة إيجاد حل لنزاع الصحراء.
حرب متكاملة
البوليساريو والجزائر تخوضان حربا متكاملة ضد المغرب، فبعد المعركة الدبلوماسية والحقوقية داخل مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن لحقوق الإنساني وفي مختلف المنتديات الدولية، تخوض البوليساريو والجزائر معركة اقتصادية بامتياز ضد المغرب، تقوم على رهان انهاك المملكة اقتصاديا بالرفع من تكلفة تثبيت الوضع الأمي في الأقاليم الجنوبية، وكذا بعرقلة اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي وأيضا بمنع توقيع برتوكولات الاتفاقية الزراعية، بالاحتجاج على إدراج المنتوجات الزراعية للصحراء.
تشويش جبهة البوليساريو بات اليوم مقنعا لدى العديد من الدول الأوربية لا سيما دول أوربا الشمالية، ولذلك تتجه المحكمة الأوروبية في استراسبوغ إلى اقتراح حل وسط يبقي على مسار الاتفاقية الزراعية مع المغرب، لكن بعد منع استيراد منتوجات قادمة من الصحراء للسوق الأوروبية. وقد تسند في تحفظها على تقرير منظمة الأمم المتحدة الذي تتحفظ فيه على استعمال الموارد الطبيعية لمنطقة الصحراء.
وعليه فإن الجزائر والبوليساريو قد حققت نصرا سياسيا جديدا فيه شبه اعتراف بأن الصحراء منطقة ليس أرض مغربية ولكنها منطقة نزاع دولي، بينما سيكون قبول الدبلوماسية المغربية بهكذا اتفاق تنازلا سياديا لم يكن للمغرب أن يقبل به منذ حيازته للصحراء سنة 1975. إلا في حالة توقيعه على اتفاقية التبادل الزراعي الحر بين المغرب والولايات المتحدة حيث رفضت واشنطن إدماج منطقة الصحراء في الاتفاقية خلال المفاوضات وقبل المغرب بذلك.
٭ متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي
هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع المواد الواردة في هذا الموقع حقوقها محفوظة لدى المستقبل الصحراوي .